استخدام الذكاء الاصطناعي لفك رموز مخطوطة رومانية محترقة تعود إلى 2000 عام

نجح فريق من العلماء في تحقيق إنجاز غير مسبوق بفك رموز مخطوطة رومانية محترقة تعود إلى 2000 عام، باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي والتصوير بالأشعة السينية، وذلك بعد أن كانت هذه المخطوطة تُعتبر غير قابلة للقراءة بسبب تضررها الشديد جراء ثوران بركان جبل فيزوف. ووفقًا لصحيفة إندبندنت البريطانية، فإن هذا الاكتشاف قد يفتح الباب أمام قراءة المزيد من النصوص القديمة التي ظلت مجهولة لعقود طويلة
إنجاز غير مسبوق في قراءة المخطوطات المحترقة
قال ستيفن بارسونز، قائد فريق “تحدي فيزوف”، إنهم واثقون الآن من إمكانية قراءة المخطوطة بالكامل تقريبًا، وهو ما يحدث لأول مرة بثقة عالية. وأكد أن هذا التقدم الكبير في فك الرموز قد يمهد الطريق لاستعادة المزيد من المخطوطات القديمة التي تعرّضت للتلف بفعل الكوارث الطبيعية.
يعد هذا الإنجاز جزءًا من مشروع بحثي أوسع يهدف إلى تحليل وفك رموز المخطوطات التي تفحمت بفعل ثوران بركان جبل فيزوف عام 79 ميلاديًا، وهو الثوران الذي أدى إلى تدمير مدينتي بومبي وهيركولانيوم الرومانيتين، ودفن آلاف الوثائق والمخطوطات تحت طبقات سميكة من الرماد البركاني.
تقنيات حديثة لكشف الحبر المخفي في 2024
للكشف عن النصوص المخفية داخل المخطوطة المحترقة، استخدم الباحثون تقنيات متطورة شملت التصوير بالأشعة السينية عالية الكثافة، والتي تم تنفيذها في منشأة متخصصة بمقاطعة أوكسفوردشاير البريطانية.
تم وضع المخطوطة في علبة مصنوعة خصيصًا لحمايتها، قبل أن تخضع لمسح ضوئي مكثف لإنشاء نموذج ثلاثي الأبعاد مفصل. بعد ذلك، استخدم العلماء الذكاء الاصطناعي للكشف عن الحبر المخفي، ما مكنهم من تحديد بعض النصوص على غلاف المخطوطة، في خطوة أولى نحو قراءتها بالكامل.
يقول الباحثون إن هذا الأسلوب يمكن أن يُحدث ثورة في مجال دراسة المخطوطات القديمة، حيث يتيح قراءة الوثائق التي ظلت غير مقروءة لقرون بسبب تضررها الشديد.
في العام الماضي، تمكن فريق “تحدي فيزوف” من فك رموز نحو 5% من إحدى مخطوطات مدينة هيركولانيوم، باستخدام تقنيات مشابهة. وقد مثل هذا الاختراق نقطة تحول في البحث، حيث أثبت إمكانية استعادة النصوص القديمة حتى من الوثائق التي اعتُقد أنها فقدت إلى الأبد.
تُعد مخطوطات هيركولانيوم واحدة من أهم مجموعات الوثائق الرومانية القديمة، حيث تتضمن كتابات فلسفية وعلمية وأدبية نادرة. ويأمل الباحثون أن يساعد هذا التقدم التكنولوجي في الكشف عن المزيد من النصوص التي قد تعيد تشكيل فهمنا للحضارة الرومانية.
مكتبة بودليان في أكسفورد تحتفظ بمخطوطات غير مقروءة منذ عقود
تُعد مكتبة بودليان بجامعة أكسفورد واحدة من أهم المؤسسات التي تحتفظ بمجموعات ضخمة من المخطوطات القديمة، بما في ذلك العديد من الوثائق التي ظلت غير مقروءة لعقود بسبب حالتها المتدهورة.
وتعليقًا على هذا الاكتشاف، قالت نيكول جيلروي، المشرفة على المخطوطات بالمكتبة: “أنا أحب هذه المخطوطات وأحب من جمعها وحافظ عليها. هناك جانب إنساني حقيقي في هذه الوثائق، وأعتقد أن قيمتها تتجاوز مجرد الكلمات المكتوبة عليها.”
ما أهمية هذا الاكتشاف
يُمثل نجاح فك رموز هذه المخطوطة إنجازًا مهمًا في مجال علم الآثار والدراسات التاريخية، حيث يفتح الباب أمام استعادة نصوص قديمة يُحتمل أن تحتوي على معلومات غير معروفة عن الحياة والثقافة والفكر في العصر الروماني.
بفضل تقنيات الذكاء الاصطناعي والتصوير المتطور، أصبح بالإمكان قراءة وثائق كان يُعتقد أنها ضاعت إلى الأبد، مما يتيح للعلماء والمؤرخين فرصة استكشاف محتوى لم يكن متاحًا من قبل. وقد يساعد هذا الإنجاز في توسيع فهمنا للحضارة الرومانية والكشف عن جوانب جديدة من تاريخها.
ومع استمرار التطورات في هذا المجال، يأمل الباحثون في أن تساهم هذه التقنيات في فك رموز المزيد من المخطوطات القديمة، ليس فقط تلك التي تأثرت بثوران بركان فيزوف، ولكن أيضًا غيرها من الوثائق التاريخية التي تعرضت للتلف على مر العصور.